لا شكّ أن مؤسسات التعليم العالي بمراكزها البحثية ومخابرها العلمية، في العالم الإسلامي، تسعى بكل جهد لتحسين أدائها الأكاديمي والإداري، لتحقيق ما يطمح إليه المجتمع ويتطلّع إليه، من أجل رفع مستوى رفاهيته وتقدمه، وليكون في الصدارة، وفي الصورة المثلى أمام المجتمعات الغربية، تحقيقا لقوله تعالى:﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾
آل عمران:110، ولا شكّ أن منهج الاستخلاف الذي يتضمّن التكليف بإعمار الأرض بما هو أحسن وأنفع وأتقن، مؤسّس على عنصر ضمان الجودة وترقيتها في جميع المجالات الحيوية، وهو عنصر أساسي في صناعة التميّز الروحي والمادي، لبلوغ الخيرية التي ذكرها الله عزّ وجلّ في كتابه المجيد، أي أن هذه الأمّة هي خير الأمم، والمنتمون إليها هم أنفع الناس للناس.
والحقيقة أن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه إلا بوضع منهج استراتيجي يهدف إلى تحسين المؤسسات التعليمية والتربوية والبحثية، من خلال وضع برنامج وتطويره، فيما يتعلّق بإعداد الخطط الدراسية، في الدراسات الشرعية، بقصد زيادة كفاءة العاملين وترقية قدراتهم، وربط جهودهم بما يعود بالنفع العام على الأفراد والمجتمعات في جميع المجالات الحيوية.
ومن خلال موضوع الورقة العلمية، المتعلّق بتطبيقات معايير ضمان الجودة في إعداد الخطط الدراسية الشرعية في الجامعة الجزائرية، “ماستر أكاديمي، التفسير وعلوم القرآن“، يتضح لنا أن هذا التخصص يهدف إلى إرساء قواعد وأسس تعليمٍ متخصِّصٍ في التفسير وعلوم القرآن، ومن ثمّ تكوين باحثين متخصصين في الدراسات القرآنية، يكونون مؤهّلين للتأطير والإسهام بالبحث العلمي في تخصّص مهم، ينسجم مع متطلبات الجامعة الجزائرية، ومحيط البحث العلمي والثقافي للمجتمع الجزائري.
ولا شكّ أن المعايير التي ذكرتها، من إطار وأهداف هذا التكوين العلمي، والإمكانيات البشرية والمادية المتوفرة، وبطاقات التنظيم السداسي للتعليم، وكذا بطاقات تنظيم وحدات التعليم (الأساسية، والمنهجية، والاستكشافية، والأفقية)، والبرنامج المفصل لكل مادة، وعلاقة هذا التكوين العلمي بالعالم الخارجي، الموثّق بالعقود والاتفاقيات، تدخل بالفعل، ضمن رؤية معاصرة لجودة إعداد الخطط الدراسيّة في التخصّصات الشرعية، في التعليم العالي والبحث العلمي، ومن ثمّ الارتقاء إلى المستوى العالمي، للوصول إلى تعليم محْكَم، ببرامجه ومناهجه وخططه، لتحقيق المخرجات التي يتطلع إليها المجتمع، مع التميّز والريادة التربوية والعلمية، التي تساهم في بناء مجتمع المعرفة، بحكم أن هذه الأمة هي أمة ﴿اقرأ﴾، وتكون لديها مرتبة مرموقة ومحترمة، تعتمد على المنافسة النوعية والراقية، بين جامعات العالم.