إن حفظ القرآن الكريم وتعليمه عبادةٌ تتطلب إخلاصاً لله تعالى ومتابعةً لرسوله r، لكن الواقع في زماننا هو ضعف الهمم وكثرة الفتن، مما دفع بفاعلي الخير لإنشاء دورٍ وجمعياتٍ بل ومواقع إلكترونيةٍ، تسعى لتشجيع الناس على العناية بالقرآن الكريم وعلومه. لكن هذه المؤسسات محتاجةٌ للمال الذي تقوم به أجهزتها، وتنفق به على حاجاتها؛ وتتنوع مجالات وأساليب تمويلها بحسب اختلاف الفكرة والمشروع، ويتم ذلك من طرف تمويلات الجهات الرسمية، أو من طرف المحسنين والمتطوعين. إلا أن المشكل يكمن في أن بعض أماكن التدريس تفتقر لمنابع التمويل، أو تتوفر عليها لكنها لا تكفي لتغطية مصاريف بيئةٍ تعليميةٍ سليمةٍ، مما يوقف مسيرتها أو يجعلها تستمر على شفا جرفٍ هارٍ، فينعكس ذلك على مرتاديها ويعود عليهم بالإحباط، وقد يفتح باب التخلي والإعراض.
ولأجل ذلك، تستلزم هذه العينات المتعثرة، مخططاتٍ ومشاريع تتكفل بها وتغطي حاجاتها، ومن ذلك انخراط المصارف الإسلامية في هذا الخير، باحتضان تمويلات المؤسسات القرآنية: لأن هناك من المحسنين من يريد البذل، لكنه يكون بعيداً عن أماكن الحاجة، أو لا يثق في المستلمين؛ علاوةً على أن هذه المصارف توفر صيغاً مشروعةً لاستثمار الأموال، مما يجعل المؤسسات القرآنية مستثمرةً لمداخيلها عوض اكتفائها بمجرد الاستهلاك.
ويهدف هذا البحث إلى ما يلي:
أولاً: إظهار أهمية الإنفاق في تمويل تعليم القرآن الكريم وعلومه.
ثانياً: الكشف عن مجالات التمويل، وبيان أساليب وسبل تدبيره.
ثالثاً: إبراز دور المصارف الإسلامية في تمويل تعليم القرآن الكريم وعلومه.
إن الدعوة إلى الإنفاق على القرآن الكريم ليست تشجيعاً على الخمول والتواكل، والاسترزاق بما يجنيه الآخرون بعرق جبينهم، وإنما المقصود هو كفاية من تفرغ لخدمة كتاب الله تعالى؛ ولا ريب أن المصارف الإسلامية قادرةٌ على الإسهام في ذلك بترشيد الحقل التمويلي لتعليم القرآن الكريم وعلومه.