جاذبية بيداغوجيا التعليم العالي الغربي وأثرها على الدراسات القرآنية من خلال أنموذجين


ملخص البحث

أدت محاولات تطوير التدريس في الوسط الجامعي الى ميل متزايد للاستفادة من (بيداغوجيا التعليم العالي الغربي) بما أصبحت معه عدد من الجامعات العربية تضاهي عددا من مثيلاتها الغربية ليس فقط في مجال انشاء مركبات أو مدن جامعية…بل حتى في طرق وضع مساقات التدريس وصياغة المخرجات التعليمية المستهدفة وطرق تقويمها ضمانا للجودة.

وخلال العقدين الأخيرين تزايد الانبهار بتلك البيداغوجيا وظهرت محاولات متفرقة لاقتباس تجربتها في مجال دراسة(الدين) لتنزيلها ضمن مساقات الدراسات الاسلامية التي منها القرآن وذلك دون مراعاة الاطار المفاهيمي – الفلسفي للدراسات القرآنية بالغرب, إذ الدراسات القرآنية في التصور الاسلامي تعتبر أولا عبادة من العبادات، ومن ثم يجب أن يتم تقويم مخرجاتها التعليمية- من جهة الأداء الفعلي المتوقع والمطلوب من الطالب بعد انتهاء دراسته- من جهتين:

  • جهة المكتسب العملي أي تمثل هدي القرآن في حياة الطالب الخاصة والعامة،تبعا لما يقتضيه توجيه القرآن نفسه في قوله تعالى:(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق)- سورة الفتح28- فـ(الهدى) –في الآية- هو العلم الصحيح و(دين الحق)هو العمل الصالح،والدراسة القرآنية التي لا تجمع بين هذا العلم وذاك العمل في مخرجاتها فهي محض ضياع للجهد،بل هي ضياع في الدنيا والآخرة معا.
  • جهة المكتسب العلمي،وأول شيء فيه القدرة الاسهام الايجابي في تطوير البحث في مختلف فروع الدراسات القرآنية بعد اكتساب مهاراته التي يتطلبها العصر.

 

والأنموذج الغربي في الدراسات القرآنية لا يحقق ما تقدم؛ لأسباب كثيرة يهمنا منها هنا اثنان:

  • فصل الدراسات القرآنية هناك عن أي مكتسب عملي لأنها تتأسس على تصور علماني أو لائكي.
  • النظر اليها باعتبارها جزءا من دراسة تاريخ أديان البشر،ومن ثم اعتبار القرآن مساويا للتوراة والأناجيل وكتب الهندوس والسيخ وغير ذلك.

 

ثم إن استنساخ الأنموذج الغربي في  مساقات تدريس القرآن لم يقتصر على ما تقدم، بل استنسخت معه أيضًا المساقات الموازية, كتدريس اللغات القديمة مثل اللاتينية وتدريس الأديان…، ثم لأجل إيجاد جسور مع هذا الأنموذج أثقل الطالب بمساقات أخرى في اللغات الأجنبية المختلفة تدرس له بطرق لا تحصل من ورائها فائدة.

 

والتجربتان اللتان عرض لهما هذا البحث متفاوتتان في الاقتباس من التجربة الغربية؛ لاعتبارين رئيسين:

  • اختلاف البيئة التي احتضنت كل تجربة والمخرجات التي ترجوها.
  • اختلاف قدرة المشرفين في كل تجربة على استيعاب الإطار المفاهيمي لتدريس الدين في الجامعة الغربية (العلمانية) اليوم.