يُشكل القرآن الكريم علامة فارقة في التاريخ الإنساني والإسلامي على حد سواء، إنه يجسد المدونة المعرفية المبرزة لتعاليم الدين الإسلامي، كما يُعد الكتاب المقدس الذي يحتوي على المعالم الهادية التي تنور طريق المسلم وتمده بالمعاني التي تبرر وجوده وتؤسس فهمه للحياة. ومن ثمة جاءت الضرورة لقراءته بغرض فهمه واستجلاء معانيه بالشكل الذي يتماهى مع حقيقته وغاياته، ولن يتباعد ذلك دون المعرفة بالدراسات القرآنية بوصفها جملة المعارف والعلوم التي تتخذ من القرآن منطلقًا ومقصدًا.
سنعمد في ورقة بحثنا إلى إبراز أهمية المقاربة التخاصصية (The Interdisciplinary Approach) التي تحيل إلى تساند وتآزر العلوم المختلفة المناسبة والمساعدة على فهم القرآن ليكون المقصد فهما سليما يحقق استنباطا سليما. فيشترط على المختص في الدراسات القرآنية إن كان مفردا أن يكون مُلما بعديد المعارف الضرورية التي تحقق الفهم الناجع بدءا من اللغة والبيان وصولا إلى علم النفس والدراسات الاجتماعية.
وحينما يتعلق الأمر بتكوين مكونين ومختصين في الدراسات القرآنية سيكون للمقاربة التخاصصية حضورها الأبرز، إذ أنها لا تعدم التخصص بل تراه غاية لها من خلال مقصد الدراية والكفاية، الأمر شبيه بالتكوين الطبي مثلا حيث يبدأ الطبيب عاما في إحالة للمقاربة التخاصصية وينتهي متخصصا في مجال محدد دون أن ينفي ذلك معرفته بالطب العام.
إن تحقيق الفهم السليم المؤدي إلى الاستنباط السليم رهين بالإرادة المطبقة والحقيقية في تعزيز مواطن القوة ومعالجة نقاط الخلل عبر الإجادة في الفهم والاستنباط حيث يكون القرآن الكريم محفزا للبحث في العلوم المختلفة المحققة للكينونة، وتكون الدراية بمنطق التخاصص أي تآزر العلوم وتساندها لتحقيق الفهم شرطا أساسا لتحقق الإجادة والكفاية، خصوصا أمام التحديات والمتغيرات العديدة التي يجابها العالم الإسلامي، والتي تشترط الدراية الحقة بغرض الاستجابة لمعايير الاعتماد الأكاديمي من خلال تعليم وتعلم الدراسات القرآنية وفق معايير الجودة والتميز.
الكلمات المفتاحية: الدراسات القرآنية، المقاربة التخاصصية، معايير الجودة الشاملة، علوم القرآن، التعليم التشاركي، الكفايات والوسائل التعليمية، الأهداف التربوية، التقويم.