منظومة التعليم القرآني في الجزائر.. الواقع، التحديات، وآليات التفعيل


إعداد:
أ.د. أجقو علي – أ. دريدي وفاء

ملخص البحث

لم يحظ كتاب ظهر على وجه الأرض بالاهتمام بقدر ما حظي به القرآن الكريم، إذ ترك بصماته المتميزة في تصوّرات الإنسان و أفكاره ومعتقداته، بل وكل شيء في حياته. ومن ثمة أصبح تعلمه والتعمق في إدراك معانيه ومراميه ضرورة ملحة في المجتمعات الإسلامية،كونه حصنها المنيع و منصة اقلاعها الحضاري المنشود.

و المجتمع الجزائري واع في معظمه بهذه الحقيقة، ومن ثمة  حظى التعليم القرآني باهتمام بالغ من طرف الجزائريين، بالرغم من  انتشار رياض  الأطفال والمدارس التحضيرية العصرية، حيث يحرص الكثير من الآباء والأولياء على تعليم أبنائهم القرآن منذ سن مبكرة، وهذا لإدراكهم للدور الكبير والتأثير القوي الذي تلعبه هذه الكتاتيب في تحصين أبنائهم من الانحراف بأنواعه وفي جميع مستوياته و أشكاله فضلا عن  إكساب أطفالهم قاعدة لغوية متينة وذاكرة قوية.

ولتطوير هذه المنظومة القرآنية ينبغي تغيير الأهداف المسطرة في الكتاتيب و قبلها عند المشرفين على إدارتها، لأنه بدون ربط المتعلمين بالعمل بما تعلموه، ستنتج العملية التعليمية أفرادا يحفظون أمورا يخالفونها تطبيقا وممارسة. ومن ثمة يصبح ضروريًّا التركيز على تقديم خدمة عالية  الجودة لمكوّنات المجتمع بما فيها سوق العمل، إذ من المطلوب نتاج منتج تعليمي ملائم لما هو مطلوب في سوق العمل أو لما هو في المجتمع.

وكل هذا يتوقف على المعلم بدرجة أولى باعتباره حلقة من الحلقات الأساسية في هذه المنظومة وهو العنصر الحي فيها, فثقافة ووعي المعلم وتكوينه الجاد وحرصه على مسايرة التطورات الحديثة الحاصلة في ميدان التربية والتعليم عامل أساسي ومهم في نجاح المنظومة التعليمية قرآنية كانت أم غير قرآنية.

ومن هنا كان الإلحاح كبيرًا على ضرورة الاعتناء باختيار وتوفير العنصر البشري المؤهل والفعال، وإن كانت بعض  الكتاتيب والمدارس القرآنية لا تخلو من نخب فعالة تودي دورها على بصيرة، فإن ما  يلاحظ على العديد ممن انبرى للتعليم القرآني ضعف التكوين العلمي والبيداغوجي.

وبما أن المعلم عنصر فاعل في أي عملية تعليمية، فينبغي الاهتمام بوضعيته ومكانته ومؤهلاته ووسائله التعليمية, فمن غير المعقول نكران دور الوسائل التقليدية القديمة كاللوحة والقلم والدواة وما حققته ولا زالت تحققه، لكن ليس بالضرورة أن نقف عندها ولا نتجاوزها لوسائل أخرى تساعد على بلوغ الأهداف وبنجاح.

إن الوسائل والتقنيات الحديثة تعد من الأمور المهمة في توفير الوقت والجهد ويمكن استغلالها في المنظومة القرآنية بما يسهم في تطويرها وزيادة فاعليتها.

وحتى لو تم رفع التحديات جميعها، ستظل المنظومة القرآنية تواجه تحديًا بارزًا الآن وفي المستقبل في الجزائر وفي عالمنا العربي و الإسلامي، ويتمثل في مدى قدرتها على رد الناس بوعي وعلم إلى منطلقهم السليم، منطلق ثقافة القرآن الكريم