تعليمية المؤسسة القرآنية التكوين والتقويم والإشراف


ملخص البحث

ولدت المؤسسات القرآنية في تاريخ الأمة لدواعي شرعية وحضارية, فقد جعل الله تعالى أهل القرآن هم أهله وخاصته، وجعل نجاة البشر في الاعتصام بكتابه، وهلاكم في هجره, ولما كان سبحانه قد وعد بحفظ كتابه، وجعل صدور أوليائه أوعية لذلك، فقد كان من الطبيعي أن تنهض الأمة منذ البداية بالقيام بشأن محاضن حفظ القرآن الكريم وعلومه. وعززت التطورات الحضارية لدولة المسلمين التي ظهرت على الأمم بقيم وتعاليم مستمدة من القرآن الكريم هذه الحاجة إلى حفظ هذا المصدر العظيم الذي به تحفظ هوية الأمة، وتستمر قيمها الإيجابية منقولة بالتربية القرآنية عبر الأجيال. فكانت تلك المحاضن القرآنية مراكز علمية عالمية أنجبت أجيالًا من العلماء وحفظة القرآن وقرائه. وتطورت لتأخذ أشكالًا مختلفة باختلاف البيئات التي وجدت فيها. وصاحب ذلك حركة تأليف واسعة في العملية التعليمية داخلها: تكوينًا وتقويمًا وإشرافًا. ولكن التحولات التاريخية التي عرفها العالم المعاصر بعد الغزو الفكري والثقافي الذي تعرض له العالم الإسلامي، وتدشين المدرسة الحديثة، وما تركه ذلك من أثر في مسيرة حفظ القرآن الكريم وعلومه، يدعونا اليوم إلى يقظة علمية ودينية تجدد تلك المسيرة القرآنية تجديدًا شاملًا: مضمونًا وشكلًا وطرقًا تربوية وتعليمية، تستفيد من الإرث التاريخي والعلمي الإسلامي، ومما جد في علوم التربية دون انفلات عن المقاصد الشرعية التي توجه الفعل التربوي في المجتمعات الإسلامية. فما المقصود بتعليمية المؤسسة القرآنية؟ وكيف نجدد النظر فيها مستفيدين من التراكم الكبير الذي حصل في ميادين التعليم وفنونه، دون إغفال خصوصية هذا الفضاء المتميز في مواده وبرامجه ومقاصده وامتداداته التراثية العريقة؟